الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
وهي سنة إحدى وسبعين ومائتين: فيها دخل محمد وعلي ابنا الحسين بن جعفر بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد المدينة فقتلا فيها جماعة من أهلها وجبيا الأموال وعطلا الجمعة والجماعة من مسجد النبي شهرا. وفيها عزل الخليفة المعتمد على الله عمرو بن الليث الصفار وأمر بلعنه على المنابر وولى عوضه خراسان محمد بن طاهر بن الحسين. ثم ولى المعتمد على سمرقند وبخارى نصر بن أحمد بن وفيها كانت الوقعة بين أبي العباس بن الموفق وبين خمارويه صاحب الترجمة وهي الوقعة التي ذكرناها في أوائل ترجمة خمارويه. وفيها وثب يوسف بن أبي الساج على الحجاج فقاتلوه وأسروه وقدموا به بغداد مقيدا قد أشهر على جمل. وفيها توفيت بوران بنت الوزير الحسن بن سهل زوجة الخليفة المأمون. وقصة زواجها مع المأمون مشهورة وكانت وفاتها في شهر ربيع الأول ببغداد وقد بلغت ثمانين سنة. وكانت عظيمة الشأن متصدقة خيرة فطنة راوية للشعر وكانت من أحب نساء المأمون إليه. وفيها توفي أبو حفص عمر س بن مسلم وقيل: ابن مسلمة الحداد النيسابوري. أصله من قرية على باب نيسابور يقال لها كورداباذ على طريق بخارى. قلت: و باذ " بالتفخيم في جميع ما يأتي فيه لفظة " باذ " مثل فيروزباذ وكلاباذ وما أشبه ذلك لا يصح معنى ذلك إلا بالتفخيم ومتى رقق كما يتلفظ به أولاد العرب ذهب معنى الاسم كان النيسابوري هذا عظيم الشأن أحد الساعة الأئمة من كبار مشايخ القوم وله الكراماس المشهورة. ذكر عند الجنيد فقال: كان رجلا من أهل الحقائق. وفيها توفي محمد بن وهب أبو جعفر العابد صاحب الجنيد. قال: سافرت لألقى أبا حاتم العطار البصري الزاهد فطرقت عليه بابه فقال: من فقلت: رجل يقول: ربي الله ففتح الباب ووضع خده على الأرض وقال: طأ عليه فهل بقي في الدنيا من يحسن أن يقول ربي الله!. وكانت وفاته ببغداد وتولى الجنيد غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفن إلى جانب سري السقطي. وفيها توفي مصعب بن أحمد بن مصعب أبو أحمد القلانسي. ولد ببغداد وكان عظيم الشأن من أقران الجنيد وكان صاحب كرامات وأحوال. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وعشرون إصبعًا. مبلغ الزيادة في السنة المذكورة خمس عشرة ذراعًا واثنتان وعشرون إصبعًا. السنة الثانية من ولاية خمارويه وهي سنة اثنتين وسبعين ومائتين: فيها وقع خلاف بين أبي العباس بن الموفق وبين يا زمان الخادم في طرسوس فأخرج أهل وفيها دخل حمدان بن حمدون وهارون الشاري بالخوارج مدينة الموصل وصلى الشاري بالناس في الجامع. وفيها تحركت الزنج بواسط وصاحوا: أنكلاي يا منصور. وكان أنكلاي وسليمان بن جامع و أ بان بن علي المهلبي والشعراني وغيرهم من قواد الزنج محبوسين في بغداد في بئر فتح السعيدي فكتب إليه الموفق بأن يبعث رؤوسهم ففعل وصلبت أبدانهم على الجسر. وفيها غزا الصائفة يا زمان الخا. وفيها حج بالناس هارون بن محمد بن إسحاق بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس. وفيها توفي أحمد بن مهدي بن رستم الحافظ أبو جعفر الأصبهاني أحد الثقات الحفاظ الرحالين في طلب الحديث والعلم كان صاحب صلاة وتعبد وآجتهاد لم يفرش له فراش منذ أربعين سنة وأنفق على تحصيل العلم ثلاثمائة ألف درهم وصنف المسند. وفيها توفي الحسن بن إسحاق بن يزيد أبو علي العطار قال عبد الرحمن بن هارون: كنا في البحر سائرين إلى إفريقية فركدت علينا ريح فأرسينا إلى موضع يقال له البرطون ومعنا شخص يصطاد السمك فأصطاد سمكة نحوا من شبر وأقل فرأينا على صفحة أذنها اليمنى مكتوبا: ألا إله إلا الله! وفي اليسرى: " محمد رسول الله فقذفناها في البحر ومنعنا الناس أن يصطادوا من ذلك الموضع. وفيها توفي العلاء بن صاعد أبو عيسى البغدادي الكاتب كان يتعاطى علم النجوم فحبسه الموفق فقال لأصحابه: طالع الوقت يقتضي أن بعد ثلاثة عشر يوما أخرج من الحبس وأعود إلى منزلي وكان مريضًا فمات بعد ثلاثة عشر يومًا في الحبس فدفع إلى أهله ميتا قيل: إنه رأى النبي في المنام في مرضه فقال: يا رسول الله ادع الله أن يهب لي العافية فأعرض عنه يمينا وشمالا وهو يقول ذلك فقال له رسول الله: لا أفعل فقال: يا رسول الله ولم قال: لأن أحدكم يقول: أعلني المريخ وأبرأني المشتري. وفيها توفي محمد بن عبد الله بن عمار بن سوادة أبو جعفر الفقيه المخرمي ولد سنة اثنتين وستين ومائة وكان حافظًا كثير الحديث سمع سفيان بن عيينة وغيره وروى عنه عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل وغيره. وفيها توفي محمد بن أبي داود بن عبيد الله أبو جعفر بن المنادي سمع يزيد بن هارون وغيره وروى عنه البخاري وغيره. وفيها توفي محمد بن عوف بن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي الزاهد العابد كان الإمام أحمد بن حنبل يقول: ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثله. وفيها توفي يعقوب بن سواك الجيلي الزاهد. سكن بغداد وصحب بشرا الحافي وأنتفع به وكان من الأبدال. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وتسع أصابع. مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا: السنة الثالثة من ولاية خمارويه وهي سنة ثلاث وسبعين ومائتين: فيها وثب ثلاثة بنين لملك الروم على أبيهم فقتلوه وملكوا أحدهم عليهم. وفيها كانت وقعة بين إسحاق بن كنداج وبين محمد بن أبي الساج في جمادى الأولى فأنهزم إسحاق ثم تواقعا أيضًا في ذي الحجة فانهزم إسحاق أيضًا ثانيا. وفيها قبض الموفق أخو الخليفة على لؤلؤ مولى ابن طولون الذي كان قدم عليه بالأمان من الشام وأخذ أمواله وكانت أربعمائة ألف دينار. وفيها توفي أحمد بن سعد بن إبراهيم الزهري الجوهري كان عالمًا فاضلًا زاهدًا يعد من الأبدال وهو من بيت كلهم زهاد وعلماء. وفيها توفي أحمد بن العلاء أبو عبد الرحمن القاضي الرقي ومولده سنة أثنين وتسعين ومائة وتوفي بمصر بعد ابن أخيه أبي الهيثم بعشرين يومًا ورثاهما أخوه هلال. وفيها توفي حنبل بن إسحاق بن حنبل ابن عم الإمام أحمد بن حنبل سمع الكثير وصنف التاريخ " وروى عنه أبو القاسم البغوي وغيره وكان زاهدًا عابدًا. وفيها توفي محمد بن إبراهيم بن مسلم الحافظ أبو أمية البغداي كان رفيع القدر إماما في الحديث سكن طرسوس ومات في جمادى الآخرة سمع أبا نعيم وغيره وروى عنه أبو حاتم الرازي وغيره. وفيها توفي محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي أمير الأندلس كان فاضلا عالما فصيحا كان يخرج إلى الجهاد فيوغل في بلاد الكفار السنة والسنتين وأكثر. ولما مات ولي بعمه أبنه المنذر بن محمد. وفيها توفي محمد بن يزيد بن ماجة الإمام الحافظ الحجة الناقد أبو عبد الله القزويني صاحب السنن والتفسير والتاريخ وهو مولى ربيعة. ولد سنة سبع ومائتين ورحل إلى مكة والكوفة والبصرة وبغداد والشام ومصر وغيرها وسمع الكثير وكان صاحب فنون مات يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان وقد روينا مسنده عن الشيخ المسند رضوان بن محمد العقبي قال أخبرنا أبو إسحاق الأنباري قال أخبرنا الكمال بن حبيب قال أخبرنا سنقر بن عبد الله الزيني أخبرنا الموفق ابن قدامة أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر حدثنا علي بن إبراهيم بن سلمة القطان حدثنا ابن ماجة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وثلاث وعشرون إصبعًا. مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وخمس أصابع ونصف. السنة الرابعة من ولاية خمارويه وهي سنة أربع وسبعين ومائتين: فيها غزا يا زمان الخادم الروم فأسر وقتل وسبى وعاد سالمًا غانمًا. وفيها خرج الموفق إلى كرمان يقصد حرب عمرو بن الليث الصفار. وفيها حج بالناس هارون بن محمد أيضًا. وفيها هجم صديق الفرغاني على سرمن رأى فأخذ أموال التجار ونهب دور الناس وكان يقطع الطريق وكان الخليفة المعتمد بسر من رأى وأخوه الموفق قد خرج لقتال عمرو بن الليث وفيها توفي أحمد بن حرب بن مسمع أبو جعفر الغدل كان من قراء القرآن وأحد الشهود الذين رغبوا عن الشهادة في آخر أعمارهم. وفيها توفي محمد بن عيسى بن حبان المدائني في قول الذهبي وغيره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وسبع وعشرون إصبعًا. مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وسبع أصابع. السنة الخامسة من ولاية خمارويه وهي سنة خمس وسبعين ومائتين: فيها بعث الموفق جيشًا إلى نواحي سر من رأى مع الطائي فأخذ صديقا الفرغاني اللص فقطعوا يديه ورجليه وأيدي أصحابه وأرجلهم وحملوا إلى بغداد على تلك الصورة. وفيها أيضًا غزا يا زمان الخادم البحر فأخذ عنة مراكب للروم. وفيها في شوال حبس الموفق ابنه أبا العباس وأبو العباس هذا هو الذي يلي الخلافة بعد ذلك ويتلقب بالمعتضد ويتزوج بقطر الندى بنت خمارويه صاحب الترجمة وقد تقدم ذكر جهازها في أول هذه الترجمة ولما أمسك الموفق أبا العباس المذكور تشغب أصحابه وحملوا السلاح فركب الموفق وصاح بأصحاب أبي العباس: ما شأنكم! أترون أنكم أشفق على ولدي مني هو ولدي واحتجت إلى تقويمه! فوضعوا السلاح وتفرقوا. وفيها حج بالناس هارون بن محمد الهاشمي أيضًا. وفيها توفي أحمد بن محمد بن الحجاج الفقيه أبو بكر المروذي صاحب الإمام أحمد بن حنبل. كان أبوه خوارزميا وأمه مروذية وكان مقدمًا في أصحاب الإمام أحمد لورعه وفضله. وفيها توفي أحمد بن محمد بن غالب بن خالد أبو عبد الله البصري الباهلي ويعرف بغلام خليل سكن بغداد وحدث بها وكان من الأبدال يسرد الصوم دائمًا. وفيها توفي سعد الأيسر كان أمير دمشق وكان عادلا وكان من خواص أحمد بن طولون وهو الذي هزم أبا العباس أحمد بن الموفق لما حارب خمارويه حسبما ذكرناه. وكان سعد يقول عن خمارويه: هذا الصبي مشغول باللهو وأنا أكابد الشدائد فبلغ خمارويه فخرج إلى الرملة واستدعاه فلما قدم عليه قتله بيده ة وبلغ أهل دمشق ذلك فغضبوا ولعنوا خمارويه. وفيها توفي سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران أبو داود السجستاني الازدي الإمام الحافظ الناقد صاحب السنن. مولده سنة اثنتين ومائتين كان إمام أهل الحديث في عصر بلا مدافعة رحل إلى العراق وخراسان والحجاز والشام ومصر وبغداد غير مرة وروى بها كتاب السنن وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل فأستحسنه وكان عارفا بعلل الحديث ورعا وكان له كم واسع وكم ضيق فقيل له في ذلك فقال: الواسع للكتب والآخر لا أحتاج إليه وقد سمعت سننه رواية اللؤلئي عنه على المشايخ الثلاثة 0: زين الدين عبد الرحمن الدمشقي وعلاء الدين علي بن برد س البعلبكي وشهاب الدين أحمد المشهور بابن ناظر الصاحبية بسماع الأولين لجميعه على أبي حفص بن أميلة وبإجازة الثالث من أبي العباس بن الجوخي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن البخاري أخبرنا أبو الحفص بن طبرزذ مما أتفق له أخبرنا أبو البدر إبراهيم الكرخي وأبو الفتح الدومي قالا: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي أخبرنا الشريف أبو عمر الهاشمي أخبرنا أبو علي اللؤلئي أخبرنا أبو داود. وفيها توفي علي بن يحيى بن أبي منصور أبو الحسن المنجم كان أصله من أبناء فارس وكان أديبًا شاعرًا ونادم الخلفاء من المتوكل إلى المعتمد وكانوا يعظمونه وكان عالما بأيام الناس راوية للأشعار. وفيها توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم العنبسي الصيمري الشاعر كان أديبًا قدم بغداد ونادم المتوكل ومن شعره رضي الله عنه: كم مريض قد عاش من بعد يأس بعد موت الطبيب والعواد وفيها توفي المنفر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام أبو الحكم أمير الأندلس أقام على الأندلس سنتين وأمه أم ولد وهو السادس لصلب عبد الرحمن الداخل الأموي المقدم ذكره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وست عشرة إصبعًا. مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وثماني أصابع السنة السادسة من ولاية خمارويه وهي سنة ست وسبعين ومائتين: فيها رضي الخليفة المعتمد على عمرو بن الليث الصفار وكتب اسمه على الأعلام والعمد. وفيها في شهر ربيع الأول خرج الموفق أخو الخليفة المعتمد من بغداد يريد أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف بأصبهان فتنحى له أحمد عن داره: عن التها وفرشها فنزل بها الموفق وقدم محمد بن أبي الساج على الموفق هاربا من خمارويه صاحب الترجمة بعد وقعات جرت بينهما فأكرمه الموفق وخلع عليه. وفيها ولي عمرو بن الليث الصفار شرطة بغداد . وفيها تفرج تل بنهر الصلح عند فم الصلح بالعراق ويعرف بتل بني شقيق عن سبعة قبور فيها سبعة أبدان صحيحة والأكفان جدد تفوح منها رائحة المسك وأحدهم شاب له جمة طويلة طرية ولم يتغير منه شيء وفي خاصرته ضربة وكانت القبور حجارة مثل المسن وعندهم كتاب ما يدرى ما فيه. وفيها توفي بقي بن مخلد بن يزيد الحافظ أبو عبد الرحمن الأندلسي صاحب الرحلة والتصانيف كان مجاب الدعوة رحل إلى مكة والمدينة ومصر والشام وبغداد والشرق والعراقين وكان له مائتان وأربعة وثمانون شيخا ومولده في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ومات ليلة الثلاثاء ثامن عشرين جمادى الآخرة. وفيها توفي عبد الله الفرحان أبو طاهر الأصفهاني العابد المشهور. كان مجاب الدعوة وله آثار في الدعاء مشهورة ة كتب الكثير من الحديث بالعراق والشام عصر وسمع هشام بن عقار وغيره وروى عنه محمد بن عبد الله الصفار وغيره. وفيها توفي عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد المروزفي الكاتب مصنف كتاب " غريب الحديث و " غريب القرآن " و مشكل القرآن " مات فجأة: صاح صيحة عظيمة ثم مات في شهر رجب وقال الدار قطني: كان يميل إلى التشبيه وكلامه يدل عليه وقال البيهقي كان يرى رأي الكرامية وذكر عنه أشياء غير ذلك وكان خبيث اللسان وفيها توفي عبد الملك بن محمد بن عبد الله الحافظ أبو قلاية الرقاشي مولده بالبصرة سنة تسعين ومائة وسمع يزيد بن هارون وغيره وروى عنه المحا ملي وآخرون. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرع وتسع أصابع. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا. السنة السابعة من ولاية خمارويه وهي سنة سبع وسبعين ومائتين: فيها أتفق يا زمان الخادم مع خمارويه صاحب الترجمة ودعا له على المنابر بطرسوس وسببه أن خمارويه استماله وتلطف به وبعث له بثلاثين ألف دينار وخمسمائة ثوب وخمسمائة دابة وسلاح كثير. وفيها حج بالناس هارون بن محمد العباسي الهاشمي على العادة. وفيها توفي أحمد بن عيسى أبو سعيد الخراز الصوفي البغدادي أحد المشايخ المذكورين بالزهد كان من أئمة القوم وجلة مشايخهم قال الجنيد: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخراز لهلكنا قيل له: وعلى أي شيء حاله قال: أقام كذا وكذا سنة يخرز ما فاته الحق بين وفيها توفي إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس أبو إسحاق الزهري الكوفي. ولي قضاء بغداد ثم صرفه الموفق: أراد منه أن يدفع إليه أموال الأوقاف فامتنع وكان عالمًا محدثًا حمل الناس عنه الحديث الكثير. وفيها توفي محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحافظ أبو حاتم الرازي الحنظلي مولى بني تميم بن حنظلة الغطفاني وقيل: سمي الحنظلي لأنه كان يسكن بالري بدرب حنظلة. كان أحد الأئمة الرحالين عارفا بعلل الحديث والجرح أو التعديل رحل إلى خراسان والعراقين والحجاز واليمن والشام ومصر ومات بالري في شعبان. وفيها توفي يعقوب بن سفيان الحافظ أبو يوسف الفارسي الفسوي صاحب التاريخ والمصنفات الحسان كان إمام أهل الحديث سافر إلى البلاد ولقي الشيوخ قال: كتبت عن ألف شيخ وأكثر وكلهم ثقات وقال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا يعقوب الدمشقي وتعجب أهل العراق أن يروا مثله. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرع وإصبعان. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وثماني عشرة إصبعًا. وهي سنة ثمان وسبعين ومائتين: فيها في الثامن والعشرين من المحرم ظهر في السماء كوكب ذوجمة. وفيها قال أبو المظفر بن قزا وغلي وغيره من المؤرخين: غار نيل مصر حتى لم يبق منه شيء. قال الذهبي: ولم يتعرض المسبحي في تاريخه إلى شيء من ذلك. وغلت الأسعار في هذه السنة بمصر وقراها. وفيها ظهرت القرامطة بسواد الكوفة وقد اختلفوا فيهم وفي مبتدأ أمرهم على أقوال نذكر منها نبذة لما سيأتي من ذكر القرامطة واستيلائهم على البلاد وقتلهم للعباد فأحد الأقوال: أن رجلا قدم من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة وأظهر الزهد والتقشف وكان يعمل الخوص ويأكل من كسبه ولا زال يظهر التدين والزهد إلى أن مال إليه الناس فدرجهم من شيء إلى شيء حتى صاروا معه حيث شاء وقيل غير ذلك أقوال كثيرة وهم من الذين أكثروا في الأرض الفساد وأخربوا البلاد. وفيها غزا يا زمان الخادم الصائفة فبلغ حصنا يقال له سلند فنصب عليه المجانيق وأشرف على فتحه فجاءه حجر من الحصن فقتله فارتحلوا به وفيه رمق فمات في الطريق في رجب فحمل على الأكتاف إلى طرسوس فدفن بهاة وكان شجاعا جوادا رضي الله عنه. وفيها توفي ديك الجن الشاعر المشهور واسمه عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام وسمي ديك الجن لأن عينيه كانتا خضراوين وكان قبيح المحنظر فصيحا عاصر أبا تمام الطائي وكان أبو تمام يعترف له بالفضل وهو من شعراء الدولة العباسية وكان يتشيع وكان له غلام كالبدر وجارية أحسن منه وكان يهواهما جميعا فدخل يوما منزله فوجدهما متعانقين والجارية تقبل الغلام فشد عليهما فقتلهما ثم رثاهما بعد ذلك وحزن عليهما حزنا شديدا وتنغص عيشه بعدهما إلى أن مات. وشعر ديك الجن مشهور. وفيها توفي أبو أحمد طلحة وقيل: محمد ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم محمد ابن الخليفة الرشيد هارون كان لقبه الموفق ثم لقب بعد قتل الزنجي الناصر لدين الله كان يخطب له على المنابر بعد أخيه الخليفة المعتمد وكان يقول الخطيب: اللهم أصلح الأمير الناصر لدينك أبا أحمد الموفق بالله ولي عهد المسلمين أخا أمير المؤمنين وكانت أم الموفق أم ولد يقال لها إسحاق وكان الموفق من أجل الملوك رأيا وأسمحهم نفسًا أحسنهم تدبيرًا كان أخوه المعتمد قد جعله ولي عهده بعد ولده جعفر المفوض فغلب الموفق على الأمر حتى صار أخوه الخليفة المعتمد معه كالمحجور عليه ومات الموفق في حياة أخيه المعتمد فبايع المعتمد ابن الموفق أبا العباس ولقبه بالمعتضد وجعله ولي عهده بعد ابنه المفوض كما كان أبوه الموفق وظن المعتمد أنه آستراح من الموفق فعظم أمر المعتضد أضعاف ما كان عليه الموفق حتى إنه خلع المفوض من ولاية العهد وصار هو ولي عهد عمه المعتمد وتولى الخلافة بعده وكان الموفق قد حبس ابنه أبا العباس المعتضد هذا لشدة بأسه فلما احتضر الموفق أوفي حال مرضه أخرج الجند المعتضد المذكور من حبسه بغير رضا أبيه ثم مات بعد أيام في يوم الأربعاء ثاني عشر من صفر وكان من أجل ملوك بني العباس. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرع وسبع عشرة إصبعًا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا. السنة التاسعة من ولاية خارويه وهي سنة تسع وسبعين ومائتين: فيها عظم أمر المعتضد بتقديمه في ولاية العهد على جعفر المفوض فإن الخليفة المعتمد خلع ولده وقدم ابن أخيه المعتضد هذا على ولده المفوض المذكور وأظن ذلك كان لقوة شوكة المعتضد ثم فوض المعتمد لابن أخيه المعتضد ما كان لأبيه الموفق من الأمر والنهي وكتب بذلك إلى الآفاق ثم أمر المعتضد ألا يقعد على الطريق ببغداد ولا في المسجد الجامع قاص ولا صاحب نجوم وحلف باعة الكتب ألا يبيعوا كتب الفلاسفة والجدل ونحو ذلك ولما قدم الخليفة المعتمد المعتضد هذا على ولده قدم له المعتضد ثيابًا بمائتي ألف درهم حمل إلى ابن عمه المفوض ثيابًا بمائة ألف درهم وطابت نفوسهما فلم يكن بعد ذلك إلا أيام ومات الخليفة المعتمد وتولى المعتضد الخلافة بعد عمه المعتمد في صبيحة يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رجب. وفيها أرسل خمارويه إلى المعتضد مع أبن الجصاص هدايا وتحفا وأموالا كثيرة وسأله أن يزوج ابنه المكتفي ببنته قطر الندى فقال المعتضد: بل أنا أتزوجها فتزوجها. وقد سقنا حكاية زواجها في ترجمة أبيها خمارويه. وفيها فتح أحمد بن عيسى بن الشيخ قلعة ماردين وكانت مع محمد بن إسحاق بن كنداج وفيها صفى المعتضد بالناس صلاة الأضحى فكبر في الأولى ست تكبيرات وفي الثانية واحدة ولم تسمع منه خطبة. وفيها توفي محمد بن عيسى بن سورة الإمام الحافظ أبو عيسى الترمذي مصنف الجامع و العلل " والشمائل " وغيرها وكانت وفاته في شهر رجب وقد روينا كتابه الجامع سماعا على الشيخين علاء الدين علي بن بردس البعلبكي وشهاب الدين أحمد المشهور بأبن ناظر الصاحبية بسماع الأول عن أبي حفص بن أميلة وإجازة الثاني من أحمد بن محمد بن أحمد بن الجوخي قالا: أخبرنا أبو الحفص علي بن البخاري أ بن أميلة الأول سماعا والثاني إجازة أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سهل القاسم بن أبي منصور الكروخي أخبرنا أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي سماعًا عليهم سوى الترياقي فمن أؤله إلى مناقب أبن عباس قال الكروخي وأخبرنا من مناقب أبن عباس إلى آخر الكتاب عبد الله بن علي بن يس الدهان قالوا: أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي أخبرنا الإمام الحافظ أبو عيسى الترمذي وروينا أيضًا كتابه " الشمائل سماعا على الشيخين المذكورين بسماع الأول من المسند صلاح الدين محمد أبن أحمد بن أبي عمر المقدسي وإجازة الثاني من ابن الجوخ قالا أخبرنا أبن البخارفي الأول سماعا والثاني إجازة أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي أخبرنا أبو شجاع البسطافي أخبرنا أبو القاسم البلخي أخبرنا أبو القاسم الخزاعي أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي أخبرنا أبو عيسى الترمذي وفيها حج بالناس هارون بن محمد الهاشمي وهي آخر حجة حجها بالناس. وكان قد حج بالناس ست عشرة حجة أولها سنة أربع وستين ومائتين إلى هذه السنة وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين المعتمد على الله أبو العباس أحمد ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي في ليلة الاثنين تاسع عشر شهر رجب فجأة ببغداد فحمل ودفن بسرمن رأى ومولده سنة تسع وعشرين ومائتين بسرمن رأى وأمه أم ولد رومية اسمها فتيان وفي موته أقوال كثيرة منهم من قال: إنه اغتيل بالسم ومنهم من قال: إنه خنق وقيل غير ذلك وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أيام وكان فيها كالمحجور عليه مع أخيه الموفق فإنه كان منهمكا في اللذات فولى أخاه الموفق أمر الناس فقوي عليه ونقهر المعتمد معه إلى أن مات قهرا منه ومن ولده المعتضد وتولى الخلافة من بعده المعتضد ابن أخيه الموفق المذكور. وفيها توفي أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شذاد النسائي الأصل كان عالمًا حافظًا ذا فنون بصيرا بأيام الناس راوية للآداب أخذ علم الحديث عن الإمام أحمد بن حنبل وعن يحيى بن معين وعلم النسب عن مصعب الزبيري وأيام الناس عن أبي الحسن المدائي وصنف التاريخ فأكثر فوائده ومات في جمادى الأولى وفيها توفي أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق أبو عبد الله البزوري البغدادي ويعرف بابن أبي عوف كان إماما عالما محدثًا ثقة نبيلًا وفيها توفي أحمد بن يحيى بن جابر أبو بكر وقيل أبو جعفر وقيل أبو الحسن البلاذري الكاتب البغدادي صاحب التاريخ. وكان أديبًا مدح المأمون وجالس المتوكل وسمع هشام بن عفار وغيره وروى عنه جم غفير وفيها توفي نصر بن أحمد بن أسد بن سامان كان سامان مع أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة وكان ينسب إلى الأكاسرة فمات سامان وبقي ابنه أسد. وتوفي أسد في خلافة الرشيد وحلف ابنه نوحا وأحمد ويحيى وإلياس فولي أحمد بن أسد فرغانة ونوح سمرقند ويحيى الشاش وأشر وسنة وولي إلياس هراة وكان أحمد والد نصر هذا أحسنهم سيرة ومات في أيام عبد الله بن طاهر بن الحسين وخلف سبعة بنين منهم نصر بن أحمد هذا فولي نصر ولايات أبيه مثل سمرقند والشاش وفرغانة وولي أخوه إسماعيل بخارى وأعمالها وهؤلاء يسمون السامانية وهم عدة ملوك ولهذا أوضحنا أصلهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرع وإصبع ونصف. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وست عشرة إصبعًا. السنة العاشرة من ولاية خمارويه وهي سنة ثمانين ومائتين: وفيها غزا إسماعيل بن أحمد الساماني بلاد الترك من صراء النهر وأسر ملكها وزوجته وأسر عشرة آلاف وقتل مثلهم. وفيها شكا الناس إلى الخليفة المعتضد مايقاسون من عقبة حلوان من المشقة فبعث عشرين ألف دينار فأصلحها وفيها بنى المعتضد القصر الحسني الذي صار دار الخلافة ببغداد إلى آخر وقت وتحول إليه المعتضد وسكنه وفيها حج بالناس محمد بن عبد الله بن محمد العباسي. وفيها توفي جعفر المفوض ابن الخليفة المعتمد على الله أحمد في شهر ربيع الآخر وكان محبوسا في دار المعتضد لا يراه أحد وقيل: إن المعتضد نادمه في خلوته وصار يكرمه. وفيها توفي عثمان بن سعيد بن خالد الحافظ أبو سعيد الدارمي نزيل هراة رحل إلى الأمصار ولقي الشيوخ وجالس الإمام أحمد بن حنبل وابن معين والحفاظ حتى قالوا: ما رأينا مثله ولا رأى هو مثل نفسه وكان لا يحدث من يقول بخلق القرآن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرع وثماني أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشر أصابع.
|